ستيف مامان رجل أعمال كندي من أصل مغربي، قام بتحرير الكثير من النساء والأطفال، مسيحيين وأيزديين، من قبضة تنظيم الدولة “داعش”. في هذا الحوار يحكي مامان عن مسارات تخليص الأبرياء من براثن التنظيم المتطرف.
نص المقابلة:
إلى اليوم، كم طفلا حررتم من قبضة “داعش”؟
في 26 يونيو 2015، أسست منظمة غير ربحية سميتها “تحرير الأطفال المسيحيين والأيزديين في العراق”، لكي أدعم مشروعا هدفه التفاوض من أجل إنقاذ الأطفال المحتجزين والمستغلين جنسيا في الموصل، من طرف تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
ليست لنا علاقة مباشرة بـ”داعش”، فنحن نقوم، عبر وسطاء، بالتفاوض مع التنظيم، ونمنحهم مبالغ مالية مقابل تحرير الرهائن المحتجزين لديهم.
إلى حدود اليوم حررت المؤسسة 30 ألف مسيحي وأيزدي ومسلم. كما استطعنا تحرير 140 رهينة كانوا بين أيدي المدنيين الذين استغلوا الأيزيديين لبيعهم في الأسواق المحلية في كردستان.
وفي اليونان نقلنا 2311 أيزيديا من جزيرة “ليسفوس”، إذ كانوا عاجزين عن الخروج منها، وفي مقدونيا ساعدنا 1400 أيزيدي في مخيمات اللاجئين، حيث كانوا يتعرضون لسوء المعاملة، فنقلوا إلى مخيم “بترا” بالقرب من جبل أوليمبوس. كما قمنا بمساعدة أسر مسيحية على اللجوء إلى كندا، ومنهم من يقيم الآن في أونتاريو.
لماذا اخترتم الأيزديين والمسيحيين دون المسلمين؟
اخترنا المسيحيين والأيزيديين لأنهم أكثر المحتجزين في الموصل، خصوصا بعد الفتوى التي رخصت استغلالهم جنسيا وبيعهم عبيدا لمقاتلي تنظيم الدولة “داعش”.
كنت حتما سأضيف الأطفال المسلمين لو كانوا ضحايا لـ”داعش”. ثم إننا قدمنا لهم الكثير من المساعدة خلال مهمتنا، أذكر منهم مسلميْن شيعة، ونحن فخورون بذلك.
هل تهتم مؤسستكم بتحرير الأطفال وحدهم أم النساء أيضا؟
مؤسستنا تهتم بتحرير النساء والأطفال معا. وعملية التحرير تتم عبر وسطاء، فنحن لا نتعامل مع أفراد تنظيم “داعش” ولن نتعامل معهم. لكن يتم التفاوض بشأن الرهائن عبر وسطاء من المدنيين. لقد وجدنا أشخاصا مستعدين جدا لمساعدتنا، لكن كان علينا دفع رسوم لهم لقاء ما قالوا إنها مخاطر يتعرضون لها. في العادة تجتمع فرقنا بالقرب من الحدود لنقل الأشخاص المحررين. وكانت هناك حالات تم فيها تحرير الفتيات بالقوة من المنازل التي احتجزن فيها من طرف “داعش”.
كيف تتم عملية التفاوض في تحرير الضحايا، وما هو مقدار الفدية التي يجب أن تدفعها عن كل ضحية؟
لا يوجد سعر محدد للفدية. والوسطاء العاملون معنا كانوا يرفعون الأسعار باستمرار على اعتبار أن المخاطر تتزايد. فمن يقبض عليه مثلا وهو يساعد أسيرا على الهرب قد يحكم عليه بالإعدام. في 2016 أعدمت داعش 35 وسيطا مساعدا أمام الملأ، بتهمة خرق قوانين التعامل مع المحتجزين الأيزديين ومحاولة إعادتهم إلى عائلاتهم.
لقد “استثمرت” الكثير من مدخرات أسرتي من أجل هذا الهدف، إلى جانب 3 سنوات من حياتي. لقد شغلني هذا العمل وأخذ مني الكثير من الجهد والوقت وأخذني من عائلتي، كما أن مختلف أعمالي تأثرت. لقد صرفنا ما يفوق مليون دولار ومازال أمامنا الكثير لعمله ليكون لما نفعله التأثير الذي نريد.
ما هي الرسالة التي تريد إبلاغها إلى العالم؟
أريد أن أثبت للعالم أن هذه المنظمة أسست من طرف يهودي مغربي، ولد في بلد يؤمن بالتسامح والتعايش بين الديانات ويؤمن بحرية التعبير. أريد أن أجعل المغرب قدوة للعالم، لأنني فعلا فخور بانتمائي إليه، وهويتي المغربية هي التي شكلت ما أنا عليه اليوم، وجعلت مني شخصية معطاءة تهتم بالآخرين، وذلك ما ربتنا عليه الأرض المغربية.
هل تعرف شيئا عن أصولك في المغرب؟
أنا دائما أقدم نفسي أنني رجل أعمال يهودي مغربي، فخور بأصلي وبالبلد الذي عاش فيه اليهود والمسلمون جنبا إلى جنب في سلام منذ آلاف السنين. أنا أحب بلدي وما زلت مصرا أن لي أرضين مقدستين، المغرب وإسرائيل.
هل ولدت وترعرعت في المغرب؟
أصولي من مكناس، وولدت في عام 1973 في الدار البيضاء. هاجرت عائلتي إلى كندا بعد أسابيع من ولادتي.
رجعت إلى المغرب، للمرة الأولى، في سن 22. وقعت في حب البلد والشعب فعدت ثانية بعد 15 عاما، ومنذ ذلك الحين زادت زياراتي إلى بلدي الأصلي في أعياد اليهود.
المصدر: أصوات مغاربية